وأنا على متن سيارة أجرة حدثني السائق مشتكيا من زحمة المرور وعناء السياقة بسبب الازدحام الناتج عن عدم استيعاب فضاءات المدينة وأزقتها وشوارعها لذلك الزخم من السيارات المتوافدة عليها خلال الصيف وخصوصا في نهاية الأسبوع.
فالمدينة لم تعرف وتيرة طبيعية للتطور بشكل تصاعدي وظلت تفتقر للبنيات التحتية السياحية حيث لا ترقى بنيات الاستقبال للمستوى المطلوب وليس هناك أي تحضير أو إعداد قبلي لاستقبال موسم الصيف سواء على مستوى التجهيزات العمومية المتعلقة بالاصطياف أو على مستوى التنظيم والأمن والتنشيط.
ومما أثار استغرابي قول السائق :” إن الشيء الوحيد الذي يجعل الناس يقصدون مدينة الصويرة في الصيف هو الطقس البارد الذي ليس هناك شيء آخر غيره يمكن أن يغري أحدا بزيارتها”. وتلك، للأسف الشديد، حقيقة مرة وصادمة في وجه من يحب هذه المدينة و يحلم بأن يراها مزدهرة أنيقة ، وهي التي لها في الجمال والرونق والتنظيم والحضارة تاريخ.
فمؤهلات الصويرة الطبيعية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والبشرية كفيلة بأن تجعل منها منتجعا سياحيا من الطراز الأول ينشط طيلة السنة وليس في موسم الصيف فحسب. لكن شاء سوء حظها وعبثية الأقدار أن تتعثر وثيرة النمو بها وأن يتقهقر مستوى تدبير ومردودية مختلف الخدمات البلدية . فقد توسعت المدينة من حيث بناء المساكن دون أن تواكب ذلك رؤيا مستقبلية معقلنة تتماشى مع وثيرة النمو الديموغرافي وتستجيب للتوقعات.
وقد كان هاجس المنتخبين الذين تعاقبوا على تدبير الشأن المحلي بالمدينة لعدة عقود إحداث التجزئات السكنية لتمكين المواطنين من بناء مساكنهم لكن ذلك كان يفتقد للحكامة والتخطيط الجيد ولرؤيا تستشرف المستقبل وتعي الحاجيات المتجددة للمواطنين فيما يخص مختلف المرافق العمومية والبنيات التحتية من شبكات الإنارة وتوزيع الماء الشروب وقنوات التطهير ومحطات تصفية المياه العادمة ومحطات معالجة النفايات وفق المعايير المعمول بها دوليا. وكذا أسواق عصرية بمعايير علمية حديثة و مجزرة تخضع للمعايير العصرية في النظافة والسلامة الصحية ومحطة لحافلات النقل العمومي بين المدن وأخرى للسيارات الكبرى للأجرة بالإضافة إلى بنية تحتية ثقافية ورياضية تواكب التطور وتتماشى مع روح العصر. بالإضافة إلى بناء حدائق ومنتزهات عمومية وتدبيرها بإحكام وفق مسطرة مضبوطة وحازمة تحدد المسؤوليات وتربطها بالمحاسبة.
ولا يمكن إنكار ما لعبه الفساد الانتخابي من دور في بطء وثيرة التنمية بالمدينة بشكل بين حيث تم استعمال المال في مختلف المحطات الانتخابية مما أفرز مجالس بأغلبيات صورية غير مستقرة تغيب عنها الروح والدينامية الجماعية ولا تربط بين أعضائها لا روابط أيديولوجية ولا برامج واضحة المعالم ولا توجهات مشتركة. كما لعبت الإدارة من جهة أخرى أدوار سلبية زادت من حدة انتفاء العمل بتفان من أجل المصلحة العامة، مكرسة الهاجس الفردي والمصالح الشخصية الضيقة للمنتخبين ومفرزة أسلوب عمل تحكمه الولاءات.
ومهما يكن من أمر فإن واقع الصويرة المؤلم الذي قد لا يراه ولايحسه الكثيرون يحز في النفس ويبعث على التدمر والإحباط والتشاؤم حيث لا شيء يلوح في الأفق يبشر بأن بالإمكان إبداع أحسن مما كان.