محمد طيفور
تتقاطر على مدينة الصويرة مند سنوات أفواج من المواطنين النازحين من مختلف المدن وخاصة المجاورة منها، بحثا عن الاستقرار ولقمة العيش، ينتقلون من زنقة لأخرى ومن درب لآخر، أطفال و نساء ومسنين، بيتهم الشارع وغطاءهم السماء وفراشهم الأرض وطعامهم الفتات، مشاهد مأساوية تثير استنكار الساكنة المحلية وتقزز سياح المدينة.
لا يمكن ضبط عدد هؤلاء المشردين، يقول فاعل جمعوي، بسبب تحركاتهم المستمرة وانتقالهم من مكان لآخر جراء ما يتعرضون له من تعنيف ومطاردة واغتصاب واستغلال بشيع، ملابسهم رثة، عيونهم جاحظة من أثر التعب والجوع، يعانون من قساوة البرد، يتألمون للامبالاة المجتمع بأوضاعهم المأساوية ولغياب المبادرات من القائمين على الشأن المحلي لمعالجة معاناتهم وفق مقاربة اجتماعية أكثر واقعية.
ويضيف المصدر الجمعوي، أن محنة هؤلاء المشردين المنتمين لجميع الفئات العمرية، تزداد شدة مع موجة البرد التي تجتاح المدينة منذ أيام، يتخذون أماكن مختلفة بالمدينة العتيقة وخارجها للاحتماء من قساوة أحوال الطقس باحتين عن دفء يحميهم من لسعات البرد والرياح، مشيرا إلى أن هؤلاء المشردين والمتسكعين يلتحفون الكرتون المقوى وأغطية متسخة ما يجعلهم عرضة للأمراض المختلفة، يتخذون من عتبات المنازل والبيوت المهجورة والأزقة وبعض الساحات العمومية والمحطة الطرقية ملاجئ يحتمون فيها من سوء الأحوال الجوية.
وأوضح ناشط جمعوي مهتم بقضايا الطفولة بالمدينة في تصريح ل”منبر الصويرة”، أن عدد المشردين بالصويرة غير معروف لغياب إحصاءات رسمية أو دراسات ميدانية، ولاحظ الناشط الجمعوي أن أعداد المشردين في تزايد مقلق في مدينة تعتبر سياحية بالدرجة الأولى، تسكعهم ومبيتهم بالقرب من المساجد والمواقع الأثرية وبعض الساحات العمومية التي تشكل ممرا للسياح إلى مختلف الأماكن السياحية الهامة بالمدينة، يسئ لسمعة المدينة ويحطم كل ما قيل عنها كمدينة آمنة ومضيافة يمكن للسائح التجول فيها بدون حراسة وبدون تعرضه لأية مضايقات، ودون أن تثيره أية ظاهرة اجتماعية مخزية.
وقال الناشط الجمعوي الذي فضل عدم ذكر اسمه، إن ظاهرة المشردين بالصويرة، ظاهرة خطيرة و مؤلمة تقشعر لها القلوب، وقد تكون في بعض الأحيان مغذية للإجرام المحلي. نسبة عالية من هؤلاء المشردين هم من النساء والمسنين واليتامى والأطفال القاصرين، اقتناعهم في دواخلهم بأن المجتمع تخلى عنهم يجعلهم أكثر ميلا للعدوانية والسرقة والنشل والتعاطي للدعارة والمخدرات.
وتساءل المصدر، عن الصمت والتجاهل الذي تنهجه مكونات المجتمع الصويري لظاهرة المشردين والمتسكعين بالمدينة، وعدم التفكير، قبل استفحال الظاهرة بشكل رهيب، في إحداث مؤسسة اجتماعية لإيواء هؤلاء المواطنين وإعادة إدماجهم مجتمعيا وأسريا ومدرسيا.