اقتصاد الريع من أبرز مظاهر الفقر والاجرام ببلادنا..

المنبر الحر – د.محمد العلوي
“يعتبر اقتصاد الريع من أبرز مظاهر استنزاف خيرات هذا الوطن والدي ينحصرعلى المداخل المحققة دون مجهود.جبار من طرف لوبيات الفساد ،قائم إما على سلطة مستبدة أوعلاقات الزبونية والمحسوبية التي تنسجها، أوالنفود لإنتزاع الثروات الضخمة دون استحقاق لاستمرارها  على كراسي السلطة وتمويلها للدفاع عن مصالحهم الشخصية خارج كل ما هو معمول به قوانونيا.
كما أن هذه الظاهرة استهدفت تطوير مفهوم ما يصطلح عليه بدولة الحق والقانون والدي يصيب الشلل في كل المجالات: السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية، والآثار السلبية لهذه الظاهرة، وأنه ليس قدرا محتوما، ويمكن محاربته والحد منه بتطبيق القانون، وهذه الآفة ليست وليدة اليوم بل تعود الى بداية الاستقلال ولا زالت مستمرة إلى الآن.
ويعتبر اقتصاد الريع  تبذير المال العام ممنهج  يعم كل القطاعات وينتج عنه إلحاق خسائر كبيرة بخزينة الدولة، وبالتالي يحرم العديد من المواطنين المحتاجين والمعوزين من الاستفادة من خيرات  الوطن، كما أن اقتصاد الريع لا يعني “لكريمات” التي صرحت بها الحكومة سابقا، بل يشمل استغلال مقاليع الرمال والرخام  ورخص الصيد في أعالي البحار، التفويتات المشبوهة للممتلكات العمومية من طرف المجالس المنتخبة، والاستحواذ على الخيرات الطبيعية للأراضي الفلاحية المسترجعة ، والمعادن والإمتيازات المختلفة -الأسواق بالجملة، والمناصب الريعية دون مؤهلات أو شروط، والقرارات الفردية، والسياسات العمومية في مجال المال والأعمال والتلاعب والتحايل على القانون حتى تستفيد جهة معينة من صفقات عمومية بطريقة غير مشروعة أوأفراد من الثروة وإقصاء الآخرين دون إحترام القانون .
في هذا الصدد أنه لا يمكن أن نتغاضى عن أحد المطالب الأساسية التي نادى بها الشعب المغربي  ومازال ينادي بها ، في رفع الشعارات: حقوق ـ حرية ـ عدالة إجتماعية ـ كرامة ـ سكن لائق ـقضاء مستقل ـ خلق فرص للشغل ومحاسبة ومتابعة ومحاكمة المفسدين المستفذين من اقتصاد الريع ، فالمراد منه أن يستفيد جميع المواطنين من خيرات هذا الوطن على أساس الاستحقاق بكل نزاهة وشفافية
التي تعتبر المطالب المشروعة والعادلة.
ويرى مجموعة من متتبعي الشأن العام في تقييم أعمال الحكومة  أنها قصرت في تنزيل مضامين الدستور الذي يرتكزعلى الإصلاح والشفافية والوضوح دون المحسوبية والزبونية لأنها  أهم الركائز الأساسية التي ينتظرها المغاربة كقفزة نحو التنمية الإقتصادية الوطنية ، وذلك في إطار خلق توازن بين كل الجهات المغربية .
وأن بناء دولة الحق والقانون تتطلب تضافر الجهود بين جميع  الفاعلين ورغم  الإكراهات والعراقيل التي تتعلق إما بمصالح الأطراف المستفيدة من اقتصاد الريع أو القوانين والمساطر الإدارية الجارية أوالثقافة السائدة، فتشبتنا جميعا بمظلة القانون بعيدا عن مظلة الفساد التي لا تخلق سوى فوارق اجتماعية بشتى أنواعها وتخلف الحقد بين أبناء الوطن الواحد لإعادة  المواطن ثقته  في الحكومات التي ضلت غائبة ، وضل المواطن  ينتظر العمل على تحسين أوضاعه وبناء اقتصاد قوي ومؤسسات فاعلة .
وكل مبادرة تخدم الصالح العام ولا تتعارض مع القانون وتحترم حقوق الإنسان ومكتسباته  يجب القيام  بها بطريقة معقلنة وهادفة من أولويات الحكومة كفك العزلة والتي تعبر من الأهمية القصوى للفئات والمناطق الأكثر فقرا٬ وكدلك النضر في التوازن والتكامل بين الأوراش الكبرى ذات الطابع  الاقتصادي والبنيات التحتية ذات البعد الاجتماعي الموجهة للفئات والمناطق الأكثر فقرا٬النائية والمعزولة والجبلية، ومشاركة المجتمع المدني في أخد القرارات ووسائل الإعلام والحق في الوصول إلى المعلومة كما هو مبين في الفصل27 من الدستور المغربي.
كما يجب على الحكومة أن تنجز دراسة إستراتيجية معمقة للتعريف بكيفية الوصول إلى محاربة هذه الجريمة وعلى إثرها  ستسطر برامج واضحة المعالم من خلال مشروع مجتمعي مشترك لتحسين ميزان القوى ، لنصل إلى الا صلاح السياسي الدستوري وهذا  يقتصر في دور”رئيس الحكومة” وبمساهمة  المجتمع المدني بكامله، للقضاء على الاحتكار وتعزيز الشفافية وربط السلطة بالمساءلة ووضع آليات وهيئات للمراقبة والمحاسبة وتعزيز دورالقضاء ،ووضع أسس المنافسة المفتوحة للجميع بشفافية تامة والخضوع لقوانين واضحة وتطبيق بنود دفاتر التحملات بالتزامات التعاقدية للدفع  بصيرورة تخليق الحياة العامة، وإيجاد منظومة وطنية للنزاهة وتقديم مقترحات قابلة للتفعيل .كل ذلك من شأنه أن يساهم في القضاء على محاربة اقتصاد الريع والتخفيف من الفقر والإجرام والهجرة والرشوة والفساد الإداري وغير دلك.
والأكيد أن المؤسسة الملكية لها الرغبة الكبيرة في السهر على الإصلاح ومعالجة هذه الظاهرة التاريخية وعدة ظواهر اخرى، لكن نجد العكس في التفعيل من طرف الساهرين على الشأن العام الجهوي وغياب مراقبة الجهات الوطنية التي تزكي اعمالهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *