خلقت منشورات على صفحات إلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، تحذر مما أسمته “تنشئة جيل جهادي إرهابي داخل المؤسسات التعليمية”، حالة من الاستنفار في أوساط وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني وسفارة المغرب في السعودية، بلغت إلى حد مراسلة المكتب المركزي للأبحاث القضائية (BCIJ).
وتعود تفاصيل الواقعة إلى نشر مواقع إلكترونية في مدينة الصويرة تقارير ترصد ما وصفته بـ”شبهة الدعم الوهابي تغزو إقليم الصويرة عبر المؤسسات التعليمية الخاصة”، إلى جانب وثيقة حملت عنوان: “نداء إلى عامل إقليم الصويرة والسيد المدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية”، وصفت فيها إحدى المؤسسات التعليمية الحديثة بأنها “غير قانونية وتعمد إلى تربية جيل جهادي وإرهابي”.
المساهم السعودي في المشروع، وهو عبد الرحمان مشاري بن عبد العزيز، المسؤول القانوني بالمكتب التنفيذي لشركات “الراجحي الدولية القابضة الاستثمار” بجدة السعودية، وجه مراسلة إلى سفير المغرب في الرياض، يطلب من خلالها تدخلا عاجلا لدى الرباط في شخص وزير الداخلية، محمد حصاد، ويشير إلى أن تلك المنشورات تعد “تطاولا على العلاقات المتينة التي تربط البلدين الشقيقين”.
وأوردت الشّكاية، التي تتوفر هسبريس على نسخة منها، أنّ تلك الخرجات تعد أيضا “ضربا بعرض الحائط كل المجهودات الجبارة التي يبذلها قائدا المملكتين الشقيقتين في نشر سبل التعاون في المجال الاقتصادي والأمني”، على أنها قد تدفع إلى “تسميم العلاقات الاجتماعية والدبلوماسية والتأثير سلبا على استثمار رجال الأعمال السعوديين بالمغرب”.
وأضاف المستثمر السعودي ذاته: “أدعو وزير الداخلية إلى فتح تحقيق في الادعاءات المذكورة التي يحاول صاحبها إلصاق صفتها بي وبشريكي في مؤسسة تربوية..أتوجه إليكم بشكايتي هذه بغية اتخاذ التدابير اللازمة للحد من مثل هذه التجاوزات غير القانونية والسلوكات اللاأخلاقية”.
ووصلت القضية إلى مكتب مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية بالرباط، حيث وضع المستثمر المغربي الشريك في المشروع، يوسف المريح، شكاية يلتمس فيها “اتخاذ الإجراءات القانونية تجاه المنشورات المذكورة ومن يقف وراءها”، مضيفا أنها “شككت في كفاءة أمننا الوطني الساهر على استقرار البلاد وسلامة المواطنين، وفي مجهودات وزارة التربية الوطنية في التتبع والمراقبة وتنقيح المناهج والرفع من جودة التعليم ونسب التمدرس”.
ونفى يوسف المريح، صاحب مؤسسة الرحمة التربوية، في تصريح لهسبريس، التهم الموجهة إليه بخصوص تلقي الدعم المادي من جهات أجنبية “لغايات تستهدف أمن واستقرار البلاد” و”تنشئة جيل جهادي إرهابي”، و”القيام بأنشطة جهادية متشددة، والترويج للفكر الوهابي”، مشددا على أن المشروع يشتغل في احترام تام للمناهج الرسمية لوزارة التربية الوطنية، و”في جو من الشفافية والوضوح واحترام القانون والالتزام بالتوجهات الأمنية والتربوية العامة للبلاد”.
وتشير المنشورات التي استنفرت المصالح الأمنية والتعليمية، ووجهت على شكل نداء إلى نائب وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني بإقليم الصويرة، إلى ما وصفتها بـ”شبهة الدعم الوهابي التي تغزو الصويرة عبر المؤسسات التعليمية الخاصة”، مشيرة إلى وجود ما أسمته “دعما رأسماليا أجنبيا يقدمه سعودي لإحدى المؤسسات التعليمية الخاصة”؛ على أنه “أثار الشكوك حول ماهية الدعم ومصدره المجهول وأهدافه وطنيا ومحليا”.
وتساءلت الوثيقة ذاتها، التي تتوفر هسبريس على نسخة منها، عن “الهدف من وراء توظيف الدعم الوهابي في قطاع حساس كقطاع التعليم، الذي يعتبر ثاني قضية بعد قضية الوحدة الترابية”؛ على أن التحرك السعودي المذكور “أثار تخوفا في قلوب آباء وأولياء التلاميذ خوفا على مستقبل فلذات أكبادهم من تمرير ضمني وممنهج لبرامج ومناهج متشددة أو متطرفة قد تدعو إلى الجهاد”.
وطالب المصدر ذاته بفتح تحقيق في المشروع، متهما الواقفين عليه بالسعي وراء “حرمان التلاميذ المسجلين من الأنشطة الموازية، كالمسرح والرسم والرقص والموسيقى، وتعويضها بأنشطة جهادية حسب توجيهات المساهمين في المؤسسة، الذين يختبئون وراء شخص مغربي يتردد باستمرار إلى خارج الوطن”، لتضيف: “الخوف كل الخوف أن يساهم ذلك في تنشئة جيل جهادي إرهابي داخل أوساط المؤسسات التعليمية”، على حد تعبيرها.
عن جريدة هسبريس الإليكترونية