قراءة نقدية في مشروع الرؤية الاستراتيجية لإصلاح منظومة التعليم (الجزء 2) : بقلم : ذ . مصطفى الفهري

إن من بين المرتكزات الأساسية لوضع قطار الإصلاح على سكته الصحيحة، الاهتمام بالتعليم الابتدائي لأنه القاعدة وكل بناء غير متين لابد أن يهدم عاجلا أو آجلا، لذا فقد كان حريا بالمجلس الأعلى للتربية والتكوين وضع مسار قوي يرتكز بالأساس على تحسين البنية التحتية ، هذا المحور الذي غاب سيؤثر سلبا على مسار الإصلاح المزعوم. يختلف العالم الحضري عن القروي من الناحية الجغرافية، لذا وجدت الدولة نفسها مجبرة على الاعتماد على المجموعات المدرسية والتي تتشكل من مركزية ومجموعة من الوحدات تسمى فرعيات هذه الأخيرة تعتبر من معيقات الإصلاح المنشود ، إذ لايمكن لعاقل أن يتجاهل هذه المعضلة البنيوية لأن مجمل الفرعيات تعاني من غياب الطرق المعبدة وانعدام الربط بشبكتي الماء والكهرباء والأنترنيت وخدمات الاتصالات وغياب المرافق الصحية و… أمام هذه المعضلة يجد الأستاذ نفسه مقيدا ومكبلا داخل أربعة جدران تعود للقرون الوسطى فيصبح مجبرا على الاستقرار بالقرب من الفرعية نظرا لصعوبة التضاريس، هنا سنستحضر السكن الوظيفي هذا الأخير غالبا ماتجده غير صالح حتى لإيواء البهائم كرم الله وجهكم فكيف له أن يكون ملاذا آمنا للأستاذ نفسه؟ خصوصا في ظل غياب المراقبة التي يمكن من شأنها أن ترصد وجود هفوات تتجلى في عدم توافق المرافق على التصميم مع ماهو كائن في الواقع. أضف إلى ذلك الغش الذي ينهجه بعض المقاولين ولنا في عدد كبير من الأقسام التي هوت على عروشها خير دليل. إن المعضلة البنيوية تبقى أهم عائق أمام تطبيق أي إصلاح، فيا ترى ، لماذا أغفل المجلس الأعلى للتربية والتكوين هذه النقطة في تقربره النهائي؟ ويبقى الحل الوحيد لتجاوز مشكلة البنية التحتية التي حصرناها فقط في الفرعيات قائما لحين إصلاح بنيوي شمولي يعتمد على تعبيد الطرق الرابطة بين مختلف الدواوير وربطها بشبكات الماء، الكهرباء، والأنترنيت.. وغالبا ماتجد الدولة مبررات واهية بخصوص إصلاح ماهو بنيوي، نجيبها بكل مسؤولية ونوجهها لترشيد المال العام ، لأن المشكلة لاتتجلى في وجود خصاص في الموارد المالية، ولكن تتجلى في ترشيد المال العام وتوجيهه نحو الإصلاح الحقيقي بعيدا عن المزايدات السياسية والشعبوية، وهنا لايفوتني أن أنوه عاليا بالمجهودات الجبارة لمجموعة كبيرة من جمعيات المجتمع المدني التي نجحت في بناء مدارس جماعاتية ساهمت في تحسين جودة المنظومة التربوية وذلك بعقد شراكات مع الجماعات الترابية أو مؤسسات أجنبية. إن المدارس الجماعاتية تعتبر حلا جذريا للسير قدما نحو الإصلاح الحقيقي، بحيث سيتم القطع مع الفرعيات والأقسام المشتركة وتأمين الاستقرار النفسي والاجتماعي للأساتذة والمتعلمين على حد سواء..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *