مهرجان ربيع الموسيقى الكلاسيكية أية فائدة وأية مضرة ؟ – بقلم وعدسة : محمد مبروك –

musique-classique

يتحدث كثير من الناس عن جدوى تنظيم مهرجانات موسيقية لا تتماشى مع ذوق عامة الناس وميولاتهم ولامع اهتماماتهم بل ويذهب البعض إلى أن هؤلاء الناس لا يعلمون حتى أن تلك المهىرجانات مقامة بمدينتهم،  فكثيرا ما يستدعى لها أناس قادمون من مختلف بقاع الدنيا . فمهرجان ربيع الموسيقى الكلاسيكية على سبيل المثال لا الحصر، يكون دائما محط انتقاد بدعوى تبديد المال العام في أنشطة يعتبرها البعض بعيدة عن ثقافتنا وعن تقاليدنا كمسلمين وكعرب. بينما يعتبرها آخرون مفسدة تسيء للأخلاق وتبيح الاختلاط . وهناك من يصنفها عن قصد أو عن غير علم ب ‘’الشطيح والرديح” في حين أنها عبارة عن معزوفات موسيقية لا يصاحبها رقص أوغناء بقدرما تتوجه إلى آذان المتلقي الصاغية وإلى حسه المرهف كي يلتقط ما تحمله من إبداع. ويذهب كثيرون إلى أن واقع المدينة وهموم عامة سكانها ومعاناة الكثيرين منهم من البطالة أوالفقر أو السكن غير اللائق أو ضعف القدرة الشرائية أو غير ذلك من صعوبات الحياة يجعل مهرجانا من هذا النوع خارج السياق إن لم يكن استفزازا سافرا لمشاعرمن يعانون أوضاعا معيشية صعبة. وقد يقول قائل إن من الأجدر أن يوجه الجهد المبذول والمال المصروف إلى مجال آخر تكون المنفعة فيه ذات جدوى وتكون نتائجها ملموسة. ورغم كل هذا وذاك فهناك رأي مخالف قد يكون الأقرب إلى العقل والمنطق وهو أن روافد التنمية بحكم واقع الأشياء متعددة وأساليبها لامتناهية تختلف باختلاف الأوضاع والأمكنة و الأزمنة ومجال الاجتهاد فيها شاسع يقتضي الابتعاد عن النمطية وعن الوصفات الجاهزة. فبحكم اعتماد الاقتصاد المحلي على المنتوج السياحي بالدرجة الأولى وبحكم مؤهلات المدينة والإقليم السياحة المتمثلة في اعتدال المناخ وفي وفرة الشواطئ وتنوع المنتوج الثقافي والتراثي وشهرة الصناعة التقليدية ونظرا للحمولة التاريخية للمدينة، فإن تنظيم تظاهرات فنية ذات بعد دولي من شأنه التسويق لكل ما تزخر به المدينة والإقليم من نفائس والتعريف بما تستطيع المدينة من خلاله إقناع السائح الأجنبي بمختلف مستوياته بجدوى زيارته لها وبالتالي فالمنفعة ستعود على المدينة وساكنتها إن عاجلا أو آجلا. وإن فرضنا جدلاً أن تلك المهرجانات ألغيت برمتها ورميت في مزبلة التاريخ، فهل سيكون من الممكن رصد نفس المبالغ المالية التي ترصد لها ومن نفس المنبع واستعمالها لغاية حل المشاكل اليومية التي تعاني منها ساكنة المدينة والإقليم في مجال السكن والصحة والتعليم والشغل وتوفير البنيات التحتية الضرورية لضمان الحد الأدنى من العيش بكرامة؟ ثم ماهي البدائل الثقافية والفنية التي يقتضي الأمر إيجادها لإنعاش السياحة كرافعة أساسية للتنمية المحلية في ظل انعدام بنيات تحتية صناعية وتجارية وخدماتية كفيلة بالنهوض بالاقتصاد المحلي ؟ ثم لم لا نطرح السؤال بصيغة أخرى ونقول أي ضرر وأية خطورة تترثب عن  تنظيم مهرجان للموسيقى الكلاسيكية على البلاد والعباد؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *