مي فتيحة أو بائعة البغرير بمنطقة أولاد امبارك بمدينة القنيطرة غرب العاصمة الرباط ,حكاية المرأة المغربية المناضلة في وجه الحياة و المكافحة من أجل ضمان لقمة عيش حلال أملا في حياة كريمة لها و لإبنتها اليتيمة . مي فتيحة المرأة التي أضرمت النار في جسدها المتعب الضامر المتهالك قبل أيام بعدما غلقت أبواب الرحمة في وجهها البرئ بضم الغين لترديها جثة متفحمة أمام أعين الملأ , هي المرأة التي بطشت بها أيادي الظلم و مخالب الحكرة و سلبتها عدتها البسيطة و حجزت على بضاعتها البخسة , تلك الأيادي التي كانت من الواجب تأمين الحماية لها و توفير سبل العدل و العدالة للحياة و تكريم الروح الإنسانية فيها , كانت نفسها هي من وقعت و ختمت شهادة الوفاة عن سابق الإصرار و الترصد في حق سيدة لم تملك من حظوظ الحياة ما يؤهلها لتتمتع بما يتمتع به غيرها من ملذات حياة فانية زائلة زوال رماد إحتراقها , سيدة لم تقبل الإهانة هي المرأة الشريفة الحرة الأبية , هي الصورة الباهتة التي خلفت هموم الحياة و أكوام الأحزان المكدسة تجاعيد على إنعكاس ألامها و أحلامها .
مي فتيجة قتلت و لم تنتحر , و نحن جميعا نتقاسم الجريمة في حقها . قتلها الصمت و الفقر و العوز و الحاجة و الحرمان و الأمل في غد أفضل لم يأت …. لأنها إختارت طريق الشرف و سبيل الكد و التعب . ضريبة دفعتها من عمرها لتترسخ رمزا جميلا في قلب هذا الوطن .
كم هو مؤلم أن لا تجد مي فتيحة شبرا من أرض الوطن يحميها و هي نفسها التي شاركت في المسيرة المليونية بالرباط مؤخرا تنديدا ضد تصريحات بان غي مون و رفعت صوتها عاليا و حضنت العلم المغربي حبا في الوطن و تشبتا بوحدته الترابية .
كم هو مؤلم أن تنتزع منا غصبا قبرا لترتاح من محن الجلاد و لتشتكي همها للواحد القهار لعل أحضان تراب الأرض أحن عليها و أرحم من بعض البشر .
و في إنتظار أن تفتح أبواب العدل بعد مقتل مي فتيحة ستتكرر الحكاية المؤلمة و تتكرر عبارات العزاء على صفحات الجرائد ليغلفها غبار الصمت لحين صحوة الضمير الغائب في رمانة الميزان . فأكيد أن قيود الفقر لن تفتح بموتها و لكن من المحتمل أن تزعزع أصفاد العدالة بعدها .
وداعا مي فتيحة