الصويرة : توسيع الميناء طمس مهول للذاكرة ! – بقلم : محمد مبروك

grues4

من أجمل ما في الصويرة ميناؤها الأثري ذو التاريخ العريق وشاطؤها الصخري الذي قد من  حجره و شيد على جزء منه الميناء يوم كتب للمدينة أن تؤسس قبل قرون. وأجمل ما في الميناء طابعه المعماري القديم، المستلهم من فنون عصر مزدهر وثمرة مهارات إنسان مبدع.   أبراجه البديعة، الشامخة وأبوابه المنحوتة

port2من الصخر والشاهدة على كفاءة صناع أنجبتهم موكادور حيث باتوا يؤثثون فضاء هذه المدينة التي شهد لها بالجمال القاصي والداني ماضياً وحاضراً. واليوم وقد تغير الزمن والتطلعات وغلب المادي على الروحي فأصبح الموروث الثقافي عرضة للاندثار والإهمال والتخريب يوما عن يوم دون رؤيا حاسمة ولا مشروع يضمن لهذا الموروث

port1الحماية والاستمرار في اختراق الزمن. وفي هذا الصدد نذكر مشروع توسيع أرصفة الميناء لتتسع لأنشطة بناء السفن وتفريغ السمك وتسويقه وقد اقتطع، على سبيل الذكر، جزء غير هين من الشاطيء الرملي للمدينة الذي يشكل متنفسا وحيدا متاحا للأهالي وللزوار لممارسة رياضاتهم. ونحن نرى اليوم الجرافات تصول وتجول حول الميناء تدمر بنية البناء و تقوم بطمس جزء من ذاكرتنا لايعي أهميته ولا قيمته من يتهافتون على كسب موقع قدم لمشارعهم في ما يقتطع من البحر من يابسة. فترى الميناء يتوسع ليدخل المدينة وكأن ما اقتطعه من البحر لا يستقيم إلا بعد اقترانه بقطعة من المدينة. وفضلا عن كل  هذا وذاك، كيف سيصبح هذا الميناء التقليدي الذي يشكل امتدادا للمدينة العتيقة بحيث لا يمكن لزائر الصويرة الإفلات من شراك جادبيته ولا الاستغناء عن الاستمتاع بمناظر أبراج سقالاته ومدافعها البرونزية المتجهة فواهاتها صوب الأفق وكأنها تترصد حركة سفينة غازية أو تترقب هجوما للعلوج قد يأتي على حين غرة. كيف سيضحى بعد خنق أنفاسه داخل قفص من الخرسانة المسلحة؟ تساءل أحدهم يوما وهو يشاهد الأشغال الجارية على قدم وساق قائلاً ” لم لا يتركون ميناء الصويرة الأثري وشأنه ويذهبوا بعيدا ليشيدوا ماطاب لهم من الموانئ مثنى وثلاث ورباع ؟”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *