شهدت مدينة الصويرة طيلة يوم الأحد 8 ماي 2016 تساقطات مطرية غزيرة استمرت إلى صباح يوم الإثنين وكان لها الوقع الطيب على قلوب الساكنة التي تعرف في معضمها حق المعرفة ما يفعله الجفاف بالبلاد والعباد ومدى آثاره السلبية على أوضاعهم الاجتماعية بمختلف تجلياتها.
سقط المطر على المدينة وهي منهمكة منتخبوها وأولو الأمر والنهي بها في سلسلة لاتنتهي من الاحتفالات وكأنها تبحث عما يواسيها أوينسيها مآسيها وآلامها وجراحها العميقة التي لم يخفف، على ما يبدو، من أثارها لاربيع الموسيقى الكلاسيكية الذي احتضنته مؤخراً ، كما لن تفلح ، دون شك، دورة مهرجان كناوة التاسعة عشرة التي تجري الاستعدادات لها ولا الأندلسيات الأطلسية القادمة منها ولا الماضية في إخراج الصويرة من أزماتها المزمنة التي لا تلبث أن تطفو على السطح كلما أمطرت السماء.
يبدو أن المدينة لا تسعفها بنياتها التحتية المتهالكة والشاهدة على تعاقب تلاعبات المنتخبين وصفقات المقاولين المشبوهة وصمت المسؤولين ، كي تستوعب مياه المطر. فقنوات الصرف الصحي التي مرت عليها مشاريع عدة للترميم لا تزال غير قادرة على استيعاب ماء المطر الذي لا يكاد يرتطم بالأرض حتى يختلط بالنفايات المتراكمة في كل ركن من أركان شوارع ودروب وأزقة المدينة فتتحول هذه الأخيرة إلى وديان جارية من الأزبال المختلطة بمياه الصرف الصحي التي تلفظها القنوات .
مشهد أصبح معتادا ومتوقعا ومستساغا كلما سقط المطر بالصويرة حيث تغمر المياه الشوارع والأزقة والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية فلا يجد الناس سبيلا إلى قضاء مآربهم دون السير وسط الماء في غياب قوارب قد تكون أكثر فعالية في مدينة تغمرها المياه.
احتفالات وتكريمات ومهرجانات في ظل أوضاع اجتماعية قاسية ومجحفة لشرائح عريضة من سكان المدينة . هاهنا عمال لجمع النفايات يشتغلون في ظروف قاسية وبآليات محدودة لتخليص المدينة من نفاياتها علهم يحظون برضا الشركة القادمة فتمنحهم منصب شغل يقتاتون من مردوده حتى إشعار آخر. هناك تجار للسمك طال انتظار عودتهم إلى سوقهم الأصلي الذي أراد المسؤولون إصلاحه فأفسدوه. في الميناء عمال للمناولة معتصمون انتهت عقدة شركتهم مع المكتب الوطني للصيد وحلت محلها شركة أخرى ترفض تشغيلهم . في المدارس العمومية عاملات للنظافة وحراس يشتغلون بدون أجر منذ ما يزيد عن ثلاثة أشهر. لكن المدينة هادئة تماماً ومسؤولوها يحتفلون بأنفسهم ومياه المطر تغمرها حتى ينقشع الضباب وتشرق شمس غذ أفضل.