في زيارة طارئة للمستشفى الإقليمي بالصويرة التقينا خلال فترة الاستراحة الزوالية وفي عجالة وسط خضم من المهام والتدخلات والانشغالات، والمكان يغص بالمرتفقين، بالسيد يوسف زازو، 58 سنة، الممرض الرئيس لوحدة المستعجلات والإنعاش وتمكنا من أخد بعض ارتساماته و من التقاط بعض همومه وانشغالاته. يمتد وقت عمله كمسؤول عن وحدة المستعجلات والإنعاش من الساعة الثامنة والنصف صباحاً إلى حدود الساعة الرابعة والنصف بعد الزوال وهو من بين الأطر الصحية النادرة التي لا تغادر المستشفى خلال أوقات العمل حتى وإن تعلق الأمر بالأكل والشرب. إذ يفضل تناول وجبة الغذاء المحضرة خارج المستشفى في مقر عمله ضماناً لاستمرارية سير المرفق العام وعدم التوقف عن أداء خدماته للمرضى. مرت عليه 36 سنة وهو في خدمة المؤسسة قضى 22سنة منها بالمجموعة الجراحية (groupe opératoire) التى ساهم إلى جانب زملاء له وأطباء بولونيين في بنائها كما قضى 6 سنوات في وحدة الإنعاش والتخدير. لمسنا لديه إحساساً بالغبن يحاول بين الفينة والأخرى تجنب الحديث عنه، تعففاً منه وكذا نوعا من الشعور بعدم الاعتراف له من طرف إدارته بما يبديه من تفان في العمل وما يبذله من جهد مضاعف في أداء واجبه المهني بنزاهة ونكران للذات وبضمير مهني حي في ظل الضغط المتزايد على وحدتي الإنعاش والمستعجلات. لكنه بالمقابل يملك عزيمة قوية لا تتزحزح تزوده بشحنة من الطاقة للاستمرار على نفس النهج خدمة للوطن وللصالح العام. لاحظنا أنه كان يتمنى أن تبعثه إدارته ويحظى بشرف زيارة الديار المقدسة والحج ضمن البعثة الصحية الشيء الذي لم يتحقق له للأسف رغم وقوع الاختيار عليه محلياً ليتم بعد ذلك استبداله على مستوى الجهة لأسباب غير مفهومة بأحد الأطباء. اكتشفنا جانبا آخر من شخصيته حيث أنه فنان تشكيلي عصامي لاتفارقه فرش الصباغة من شدة ارتباطه بالفن التشكيلي. تتلمد وتأثر بكل من المرحوم العربي صليط والمرحوم بوجمعة لخضر. وهو من أبناء الصويرة ازداد وترعرع بدرب سيدي علي بن داود بالمدينة العتيقة .
و من خلال تحقيق أجريناه حول المستشفى الإقليمي سيدي محمد بن عبدالله بالصويرة، الذي يغطي حاجيات الاستشفاء للإقليم برمته باعتباره المستشفى الوحيد، تبين أن هذا الأخير يعاني نقصا حادا في الأطر الصحية من ممرضين وأطباء بمختلف مجالات تخصصهم وفئاتهم، كما يعرف بالمقابل سوء تدبير مهول لهذه الموارد البشرية . وتتم الاستعانة لتغطية جزء من النقص بخدمات متطوعين من الهلال الأحمر المغربي لهم خبرة في الإسعافات والعلاجات الأولية وكذا بالممرضين المتدربين المجازين من طرف الدولة. وقد كان علمنا بعدم وجود نقص في التجهيزات والأدوية والأدوات الطبية مفاجأة سررنا لها. هذا وتشتغل الأطر الصحية بمختلف الأقسام والشعب وفق نظام (12-36) خلال النهار، الذي يعني العمل لمدة 12 ساعة متتالية ثم الاستفادة من استراحة لمدة 36 ساعة متتالية ونظام (12-48) خلال الليل الذي يعني العمل لمدة 12 ساعة متتالية ثم الاستراحة لمدة 48 ساعة متتالية.