المغرب يصعد من لهجته ضد انتهاكات إسرائيل ويدعو للانتقال “من الخطاب إلى الفعل …

اعتبر النعم ميارة رئيس مجلس المستشارين أن ما يشهده القدس الشريف من مَوجة غير مسبوقة من الانتهاكات والمتمثلة في مواصلة قوات الاحتلال الاسرائلي لاعتداءاتها المُتجدّدة بحق الفلسطينيين انتهاكا جسيما ومستمرا للعديد من قرارات مجلس الأمن التي اعتبرت أن كل الاجراءات والاعتداءات التي تقوم بها قوات الاحتلال في القدس الشريف المحتلة باطلة “بل الأكثر من ذلك يشكل هذا العدوان مساسا سافرا بكل القيم الإنسانية الكونية، واستفزازا لاتباع الديانتين، ليس في الاراضي الفلسطينية وحسب، بل وفي كل انحاء العالم”.
وفي رد فعل رسمي مغربي على انتهاكات الاحتلال ندد ميارة بتقييد حرية العبادة وفرض القيود والإجراءات والاعتداءات المستمرة والمُدانة والمرفوضة على حرمة المدينة المقدّسة والمسجد الأقصى المبارك والمصلين والمعتكفين بالمسجد خلال شهر رمضان الماضي، مستنكرا استهداف المصلين المسيحيين وكنيسة القيامة بالتضييق عليهم وتقييد حقهم في ممارسة شعائرهم الدينية.

جاء ذلك في كلمة لرئيس مجلس المستشارين في المؤتمر الطارئ المخصص “للمسجد الأقصى وجميع المقدسات الإسلامية والمسيحية”، والذي يتزامن مع الذكرى الرابعة والسبعين للنكبة المؤلمة لفلسطين، والتي تتزامن حسبه مع “الزيادة في وتيرة دخول المتطرفين الإسرائيليين إلى الحرم وتسهيل ذلك، بالإضافة إلى اتخاذ إجراءات تهدف الى فرض واقع يؤدي للتقسيم الزماني والمكاني فيه، معتبرا أنه “يشكل مساسا خطيرا وخرقا وانتهاكا صارخا للقانون الدولي والقانون الدولي الانساني والشرعية الدولية ولواجباتها القانونية بصفتها القوة القائمة بالاحتلال للقدس الشريف، فضلا عن التزاماتها القانونية التعاقدية والعرفية معا”.

وشدد ميارة على أن التصعيد الإسرائيلي الخطير في القدس ومقدساتها المسيحية والإسلامية يشكل جزء لا يتجزأ من الحرب المستمرة ضد الشعب الفلسطيني، واستكمالا للسياسات الرامية لتهويد القدس ومقدساتها، وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك، مشيرا إلى أن ذلك سيؤدي إلى مزيد من تأزيم الأوضاع، مما يستوجب التدخل الفوري والعاجل من طرف المجتمع الدولي لوقف هذه الاعتداءات، وبفرض الاحترام الكامل للوضع القانوني والتاريخي في القدس والمسجد الأقصى، وغيره من دور العبادة في القدس المحتلة، وضرورة ضمان حرية العبادة للجميع.

وتابع المسؤول المغربي “نعتبر أن استمرار هذه التصرفات والمحاولات التي يتم القيام بها لتهويد الأماكن المقدسة في مدينة القدس ستكون لها انعكاسات خطيرة على المنطقة وأمنها واستقرارها، وستؤدي إلى تأجيج وإشعال فتيل الصراع الديني وسيدخل المنطقة والعالم في دوامة للعنف قد يؤدي إلى المجهول، وسيعمق غياب أي أفق لإحراز أي تقدم في عملية السلام”، مؤكدا أنه وبتعليمات ملكية، تم تبليغ هذا الشجب والتنديد بهذه الانتهاكات الخطيرة مباشرة إلى ممثل دولة إسرائيل بالرباط، مشيرا أن الملك يواصل الدفاع عن الوضع الخاص للقدس، وعلى احترام حرية ممارسة الشعائر الدينية لأتباع الديانات السماوية الثلاث، و”لن يدخر جهدا لحماية طابعها الإسلامي وصيانة حرمة المسجد الأقصى والدفاع عن الهوية التاريخية لهذه المدينة كأرض للتعايش بين الأديان السماوية”.

وأكد النعم ميارة، المكانة التي تحتلها القضية الفلسطينية لدى المغاربة، بشكل عام، ولدى الملك محمد السادس، على وجه الخصوص، مؤكدا أن عاهل البلاد “يضعها في مثل مكانة قضيتنا الوطنية الأولى، قضية الصحراء المغربية والوحدة الترابية”، مبرزا المجهودات الذي يبذلها الملك كرئيس للجنة القدس، من خلال وكالة بيت مال القدس الشـريف التي قامت بالعديد من المشاريع الاجتماعية والطبية والتربوية والإنسانية للنهوض بالأوضاع الاجتماعية للساكنة ودعم صمود المقدسيين ومقاومة الشعب الفلسطيني الشقيق للاحتلال وللمحاولات الإسرائيلية لتهويد القدس وترحيل سكانها، وطمس معالمها الحضارية الإسلامية والمسيحية، وأيضا مساندة الشعب الفلسطيني من أجل إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

وعبر ميارة عن تأييد المغرب لما جاء في بيان رئاسة الاتحاد البرلمان العربي الصادر بتاريخ 14 ماي من الأسبوع الماضي، داعيا المجتمع الدولي لتحمل مسؤوليته والتحرك لمواجهة السياسات والإجراءات الإسرائيلية غير القانونية في مدينة القدس المحتلة ، ولوضع حد بشكل فوري ورادع لهذا العدوان لما ينتجه من توتر يفضي الى تهيئة الظروف لإنتاج اوضاع تهدد الأمن والسلم الدولي وتؤدي إلى تغذية التطرف وتشجع الجماعات الارهابية.

وأردف في كلمته :”في ظل هذه الأوضاع الخطيرة وغير المسبوقة نحن في حاجة ماسة ومستعجلة كبرلمانيين عرب، مسلمين ومسحيين، اليوم وأكثر من أي وقت مضى، ليس فقط لاتخاذ موقف حازم وللقيام بجهود للتهدئة، بل أصبح الوضع في حاجة مستعجلة للتصدي بكل حزم لكل ما من شأنه أن يمس هذه المقدسات، وكذا البحث عن جميع السبل لوقف كافة الممارسات التي تستهدف الهوية العربية الإسلامية والمسيحية لمدينة القدس. كما يحتاج الوضع لإرادة سياسية حقيقة وأكثر جدية تضع حدا للاحتلال الاسرائيلي، و تؤدي إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية”.

وطالب المسؤول بالانتقال من “مستوى الخطاب إلى الفعل والابتكار وإطلاق المبادرات القادرة على التأثير في مجريات الأحداث بما ينسجم مع مصالح الدول العربية جميعا، وتطلعاتها نحو تحقيق السلم والامن والاستقرار والتنمية.. و تعزيز الموقف الفلسطيني، والسعي إلى إعادة إطلاق العملية السلمية التي طالها الجمود منذ سنوات، وضرورة التمسك بمبادرة السلام العربية “نصا وروحا” وبكافة الاتفاقات التي تفضي الى إقامة دولة فلسطين كاملة السيادة وعاصمتها مدينة القدس الشرقية”.

وعبر ميارة عن أمله في أن يشكل هذا الاجتماع الطارئ محطة مهمة ونقطة تحول “للعمل سويا على تحقيق انطلاقة جديدة للعمل البرلماني المشترك من خلال استرجاع سلطة القرار العربي ورسم أفق مستقبل يستجيب لطموحات الشعوب العربية ويليق بالمكانة الحضارية للأمة العربية، داعيا إلى تكثيف الجهود الإقليمية والدولية لاستعادة التهدئة الشاملة والحفاظ عليها، وإعادة إطلاق مفاوضات جادة وفاعلة تعيد الثقة بجدوى العملية السلمية وتضعها على طريق واضحة نحو التوصل لحل تفاوضي على أساس حل الدولتين الذي يجسد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة لتعيش بأمن وسلام ولإنهاء الصراع وتحقيق السلام العادل والشامل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *