محمد طيفور
تتميز البنية الاقتصادية بالصويرة بالموسمية وضعف المردودية وعدم الاستغلال الكافي لخيرا ت الإقليم البشرية والطبيعية، الشئ الذي جعل من البطالة أحد أكثر الظواهر انتشارا، فهي تمس نسبة هامة من سكان المدينة، فمعمل التصبير الوحيد بالمدينة يغلب عليه النشاط الموسمي ولا يشتغل في أحسن الأحوال أكتر من أربعة أشهر في السنة و بنسبة هامة تصل إلى 90 في المائة من اليد العاملة النسوية، الشيء الذي يجعل أفواجا هائلة من العاملات تبقى غالبية السنة في بطالة مقنعة، وهذا بطبيعة الحال له آثاره الوخيمة على الظروف الحياتية لمئات الأسر بالمدينة، زد على ذلك الطوابير العريضة من الشباب من حملة شواهد التكوين و الإجازات الجامعية الذين أوصدت في وجوههم أبواب الشغل.
إن وضعية التشغيل بالمدينة أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها “مأساوية” على حد تعبير شاب عاطل سئم استجداء الأهل و الأصحاب، لقد أضحت هذه الوضعية المقلقة تحتم على أهل القرار بالمدينة التفكير في جلب المزيد من الاستثمارات، وتقديم الدعم لمن يرغب في إحداث مشاريع إنتاجية، وتشجيع المستثمرين الشباب و الأجانب الجادين، وإجبار أصحاب المشاريع المستحدثة على توظيف اليد العاملة المحلية عوض جلبها من خارج المدينة تحت مزاعم ومبررات واهية لا تستند على أية أسس منطقية.
و يتساءل عاطلون ملوا البحث عن الشغل إن كانت السياحة، التي أريد لها أن تكون النشاط الأساسي المهيمن بالمدينة، قادرة فعلا و لوحدها على امتصاص أفواج العاطلين المحليين الذين يتكاثرون سنة بعد أخرى و بشكل سريع ؟ وهل المراهنة على السياحة دون غيرها من الصناعات الأخرى حل فعال و ناجع ؟.
أما ظاهرة التسول التي غالبا ما تأتي بسبب العطالة فلا يمكن الحديث عنها دون ربطها ببقية الظواهر الاجتماعية الأخرى، فالتسول له علاقة وطيدة بالفقر والبطالة، فجولة خاطفة عبر شوارع و أزقة المدينة العثيقة كافية للوقوف عن كثب على مدى استفحال هذه الظاهرة، ومدى كثرة المتعاطين لها من شيوخ وعجائز، ومن أرامل ومعاقين، ومن شباب في مقتبل العمر و من كلا الجنسين، وينشط هؤلاء خاصة بساحة مولاي الحسن التي يتتردد عليها السياح، وبشارع الزرقطوني الذي يعرف حركة تجارية نشيطة، و بمناطق كثيرة ومتفرقة كمدخل باب دكالة.
إن ظاهرة التسيب الأسري والتفكك الاجتماعي وما ينتج عنها من تشرد وضياع وانعدام فرص التشغيل، كلها عوامل تدفع بالشباب الصويري إلى أن يصبح فريسة للإنحراف وضحية لسرطان المخدرات، فظاهرة انتشار الإدمان على المخدرات (الحشيش ) اكتسحت المدينة منذ نهاية الستينات حين تقاطرت عدة وجوه من (الهيبي ) على الصويرة أكثر من أية مدينة أخرى، اعتبارا لمناخها ولموقعها المتميزين ولطبيعة سكانها المتسمين بالهدوء وسرعة الاندماج، والجدير بالذكر أن المصالح الأمنية بالمدينة تبذل قصارى جهودها للحد من ظاهرتي الترويج والاستهلاك، إلا أن الواقع يؤكد أن الإدمان والاتجار في هذه الآفة لايمكن القضاء عليهما أو الحد من استفحالهما إلا بتوفير الشغل وسبل العيش الكريم لشباب المدينة.